samedi 9 mai 2020

الحلقة الثانية - دخول آدم للجنة - إبليس المتمرد يغوي آدم


تحدثنا في الحلقة الماضية عن قيمة العقل لدى الإنسان و هو ما أهله ليكون الإختيار عليه في المهمة المشرفة و الصعبة كخليفة لله في الأرض.
في هذه الحلقة نكمل قصة الخلق التي بدأت بالتشريف ولكنها مهمة لا تخلو من تكليف و تحكم في الذات و تحمل للمسؤولية.
"وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ" (البقرة - 34)
و هنا موضع التشريف فقد شرف الله آدم ليجعله سيد المخلوقات بل و طلب من الملائكة السجود له فسجدوا -سجدو بعد أن عرفوا قيمة خلق الله و أن أوامره عز و جل تأتي عن حكمة لا يعلمها إلا هو- لكن إبليس و هو أقرب الخلق إلى الله لم يقبل هذا بل تمادى في عناده و رفض أوامر الله بالسجود لآدم ،

هل كان إبليس كافرا بالله ؟
الإجابة طبعا لا

هل كفر إبليس بالله ؟
الإجابة طبعا لا

غير أن الله وصفه بالكافر و سبب الكفر هو الكبر (بكسر الكاف) فأراد الله أن يعلمنا أن الكبر طريق إلى الكفر "عن عبدِ اللَّهِ بن مسعُودٍ ، عن النبيِّ ﷺ قَالَ: لا يَدْخُل الجَنَّةَ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مَنْ كِبرٍ"
فالكبر و التكبر كفر حتى و لو كان المتكبر يؤمن بالله و رسوله.
و نرى اليوم أن صفة الكبر منتشرة بين الناس بل و يزدري بعضهم بعضا و يمشي الواحد فيهم مختالا فخورا
ناسيا أن ما به من نعمة من عند الله و بيده كل شيء - قال تَعَالَى: وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ [لقمان:18]-
و ما كانت نتيجة تمرد إبليس : أصدر الله حكمه على إبليس بأنه من الكافرين و لكن لم يتخذ فيه قرارا ؟؟؟
تتجلى حكمة الله مرة أخرى ليعلمنا صفة أخرى في آدم صفة نكتشفها معا :
"وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ(البقرة - 35)
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (البقرة - 36)
إلى حدود هذه الآية إبليس مذنب و آدم مذنب و لكن ما الفرق بينهما ؟؟
الفرق في الآية 37 :
فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" (البقرة - 37)
الإجابة هي التوبة :
لم يصدر الله حكما في إبليس ينتظر توبته و هو يعلم أنه لن يتوب و سبب ذلك التكبرو لما أخطأ آدم رأى منه الندم و التوبة فعلمه كيف يتوب.
وهي الصفات التي تميز آدم :

العقل و التعلم
بشر يخطئ و يصيب
يتوب و يرجع إلى الله

هذه هي الفطرة التي خلقنا الله عليها و إصطفانا لنكون خلفاء في الأرض فالإنسان يخطئ و يعصي الله و لكنه يتوب - روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيدِهِ، لو لم تُذنِبُوا لذَهَبَ اللهُ بكم، ولَجَاءَ بقُومٍ يُذنِبون فيستغفِرون اللهَ، فيغْفِر لهم))- يا من كبرت ذنوبه و يحسب أن الله لن يغفر له فهو غفور رحيم بل إن الله يحب فينا الخطأ الذي تليه توبة.

لكن لنتوقف قليلا عند هذه النقطة ألم يقل الله أنه جاعل في الأرض خليفة ؟؟؟ و لكنه بدل ذلك أدخله الجنة ؟؟؟
أراد الله أن يجهز آدم لآداء المهمة الموكلة إليه بأن يعلمه بعض الدروس.

الدرس الأول : أن الإنسان ميزه الله بالعقل
الدرس الثاني : أن الإنسان يخطئ و لكن الأهم هو التوبة
الدرس الثالث : أن إبليس عدو للإنسان يكرهه حسدا و تكبرا
الدرس الرابع : أن المتكبر لا ينال رحمة الله
الدرس الخامس : أن العفو منّة من الله على خلقه فلا يدخل الإنسان الجنة بعمله بل برحمة الله عليه.

و لكن لو لم يخطئ آدم هل كان ليبقى في الجنة ؟؟؟

الإجابة لا ، الله كان يعلم أن آدم سيخطئ و أن إبليس سيغويه و هو علام الغيوب فأراد أن يعلم آدم درسا في الجنة قبل النزول في مهمته في الأرض و دليل ذلك أن الله غفر لآدم و تاب عليه و بالتالي فإن النزول إلى الأرض ليس بعقوبة و لكنه سبب الخلق أصلا.

تعلمنا من حلقة اليوم : 

الصفات المميزة للإنسان
و أن إبليس عدو دائم له
التكبر يذهب بنا إلى العذاب
التوبة هي ميزة آدم عن بقية الخلق
أن وجود الإنسان على وجه الأرض ليس عقابا له بل تشريف و تكليف

في الحلقة القادمة سنتحدث عن دعم الله و تأطيره للإنسان لكي يضطلع بمهمته و يؤديها على أحسنوجه من خلال الأنبياء و الرسل و كيف أن الدين عند الله هو الإسلام.

vendredi 8 mai 2020

الحلقة الأولى - الخلق - كيف أذنبت الملائكة

تبدأ  قصة خلق آدم بقصة مذكورة في القرآن :
"وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ" (البقرة - 30).
هذه القصة سائدة في أغلب الديانات و حتى اللاسماوية منها ، و هو ما يحيلنا إلى ما يلي : 
  • أن الله عندما خلق آدم كان مقررا أن يجعله خليفة في الأرض و هو سبب الخلق الرئيسي 
  • أنه كانت توجد مخلوقات تسكن الأرض قبل آدم و الدليل "قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ" فإذا سلمنا أن الغيب لا يعلمه إلا الله فكيف للملائكة أن تعلم بالإفساد في الأرض.
  • أن الله لم يفند إمكانية الإفساد في الأرض و سفك الدماء و لكن كانت لديه غاية و مقصد لا تعلمه الملائكة. 
و إذا تقدمنا قليلا في القصة نجد أن الله أراد أن تعلم الملائكة أنهم لا يعلمون و أن الله خالق كل شيء أعلم بكل شيء و اللافت للنظر هو نقاش الملائكة لله و هو إثم إقترفته الملائكة بإعتراضها على ما قرره الله و كأنها تدعي أنها أعلم من الله بل و تزكي نفسها على آدم الذي إختاره الله للمهمة المشرفة.
و عليه قرر الله أن يؤدب الملائكة و لكن بكثير من الحلم وهو الحليم :

"وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (البقرة - 31).
وهنا كان السؤال للملائكة حتى يعودو إلى رشدهم و يعلموا خطأهم  بل و يقروا به و أنه لا علم لهم أمام علم الله

    "قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ" (البقرة - 32).

و لكي يعرف الجميع ما يميز آدم عن غيره من المخلوقات :

"قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ" (البقرة - 33).   

ماذا يميز آدم عن غيره من المخلوقات ؟؟؟؟
من خلال الآية يتبين لنا أن ميزة آدم هو العلم و القدرة على التعلم .

و بالتالي يتوضح أن الله أراد مخلوقا قادرا على التعلم و التمييز و إعمال العقل كخليفة له في الأرض.
فنعمة العقل التي ميز بها الله الإنسان عن غيره و كانت السبب الرئيسي لتوليه الخلافة في الأرض لا يجب أن يتنازل عنها في أي وقت من الأوقات فيساق كالبعير و يأتي إنسان من بني جلدته يريد أن يعطل هذه الملكة لديه.
فمنذ الأزل و المتجبرون في الأرض يحاربون الفكر و التفكير و إعمال العقل منذ زمن الأنبياء الأولين كالنبي إبراهيم و موسى و عيسى و حتى المعجزات جاءت تخاطب العقول و تحفزها على التفكير و التحليل ليتبين لها الحق من الباطل و تواصلت الحرب الشعواء على العقول في العصور الوسطى مع الكنائس و حتى اليوم من خلال تطبيق سياسة القطيع على الشعوب.

في الحلقة القادمة سنتطرق الى تمرد إبليس على قرار الله و دخول آدم  للجنة و خروجه منها.
 

الحلقة الثانية - دخول آدم للجنة - إبليس المتمرد يغوي آدم

تحدثنا في الحلقة الماضية عن قيمة العقل لدى الإنسان و هو ما أهله ليكون الإختيار عليه في المهمة المشرفة و الصعبة كخليفة لله في الأرض. في هذه...